21‏/8‏/2018

دمشق

الفُـلُّ يبـدأ مـن دمشق بياضُـه 
و بعطـرها تتطيَّـب الأطيــاب
و المـاء يبـدأ من دمشق فحيثما 
أسـندت رأسك جـدول ينسـاب
و الحب يبـدأ من دمشق فأهلنـا 
عبـدوا الجمال و ذوبوه وذابـوا
و الخيل تبـدأ من دمشق مسارها 
وتُشـدُّ للفتـح الكبـير ركــاب
والدهر يبدأ من دمشق و عنـدها 
تبـقى اللغات و تحفـظ ُ الأنساب
و دمشق تعطي للعروبة شـكلها 
و بأرضـها تتشـكل الأحقــاب
لا الكأس تنسـينا مساحة حزننـا 
يومـاً ولا كـل الشراب شـراب
سرقوا أصابعنا وعطـر حروفنـا 
فبـأي شـيء يكتـب الكتــاب
و الحُكم شرطي يسـير وراءنـا 
سـراً فنكـهة خبـزنا استجواب
من أين أدخل في القصيدة يا ترى 
و حدائق الشعر الجمـيل خـراب
لم يبـق في دار البـلابل بلبـل 
لا البحـتري هنـا و لا زريـاب
شعراء هـذا اليوم جنس ثالـث 
فالقـول فوضى و الكلام ضبـاب
اللاهثون عـلى هوامش عمرنـا 
سيِّان إن حضروا وإن هم غابـوا
يتهكمـون عـلى النبـيذ معتقـاً 
و هـمُ على سطح النبـيذ ذبـاب
الخمر تبـقى إن تقـادم عهدهـا 
خمـراً وقــد تتغـير الأكـواب
لولا العبـاءات الـتي التفوا بهـا 
ما كنـت أحسب أنـهم أعـراب
يتقاتلـون عـلى بقـايـا تمـرة 
فخنــاجر مرفوعـة وحــراب
قبلاتـهم عربيَّـة .. مـن ذا رأى 
فيمـا رأى قُبـلا ً لهـا أنيــاب
والعـالم العـربي يرهـن سـيفه 
فحكـاية الشرف الرفيـع سـراب
ماتـت خيول بـني أميَّـة كلهـا 
خجـلاً وظـل الصرف و الإعراب
إن االجنون وراء نصـف قصائدي 
أوليس في بعض الجنون صواب ؟
و إذا قسوت عـلى العروبة مـرة 
فلقـد تضيـق بكحلـها الأهـداب
فلربمـا تجـد االعـروبة نفسـها 
و يضيء في قلب االظلام شـهاب
و لقـد تطير مـن العقال حمـامة 
و مـن العبـاءة تطلـع الأعشاب 
إني الدمشقي الذي احترف الهوى 
فاخضوضرت بغنـائه الأعشـاب

17‏/8‏/2018

كي لا تصاب بضربة بكاء


لا تغادر القصيدة 
ابني لك كوخا في المطلع 
وبحرا بعد المنتصف بفاصلة و إشارة استفهام 
سوّرها بأسلاك الخيال المائجة 
ازرع زعترا و جاردينيا و نار 
ولا تغادر القصيدة 
كي لا تصاب بضربة بكاء
أو باحتقان جنون في حلق الفكرة 
كي لا يشد الزعفران قبضته على أحلامك 
فيستفيق اليقين على خيبة وطن 
كي لا تروح في حوار الفقر الى أخره 
و يزيد بلل طينك عفن الرؤى و زَيَغُ الميزان في عرف الشوارع
كي لا تصطدم بجروح جدائل العاشقات 
و وعود اللقى الذاهبة أدراج الريح
كي لا تصاب بعدوى البلادة 
و انهزام الخيل في سباقات التلال العالية 
لا تغادر القصيدة 
و ارفل بنكهة الملح في عيون الشوق 
خبث الدراق على شفاه الخيال
ضحكة الناي في أقاصيص الغزلان في الغابات البعيدة 
امتهن ما شئت 
نحّات يغازل خصر الصخر حتى يصير قلب
ينقر نشوة الجبال فتولد الربابات على أول النهر
يدوزن صلصال الكمنجات 
يرشّ عليه كمشة قرنفل و قضمة من رحيق الجان 
فتطلع من رحم اللحن امرأة غجرية 
فلاحا لو شئت 
يدس جذوره في عاشر أرض 
يشهر منجله في وجه طغاة الأرض
يعرّش من أول الأنين الى أخر الحنين 
يدرّس الأخضر للعابرين 
ويقول للغيم و الشمس ها أنا 
ظل وطن 
ولو شئت كن رساما عاشقا 
اترك اللون يرعى في مراعي اللقاء
علمه كيف يصير مائلا لعينها قبل الشروق
و مائلا جدا الى سنابلها قبيل الغروب
و ارسم لها فستانا بلون البحر و تغريد البلابل
و مشطا من أصابع القصيدة الشغوفة
ارسم مقعدا فوق تلة خضراء تطل على الحب
مقعدا يتسع لاحتضان و حديث أنفاس
و ارسم جوقة على غيم تجيد لحن المطر
اتكئ على البرتقالي مقدار دالية و سيجارة 
و انتظرها الى أن ينضج اللون 
كن ما شئت ولا تغادر القصيدة 
حتى لا يفاجئك الصوت و الصدى 
بأن الرصاص أغنيات المدى 
و أن القوت حلم 
و الأخبار حامضة كالليمون 
بأن النخيل بلا عرجون 
الياسمين لا يحسن الغناء 
و الفجّار ساسة 
و الفسّاد وطنيون

10‏/8‏/2018

سيده اوراقي

رغم ولادتك بين أوراقى وتقويمى 
وجغرافيا المكان والزمان 
ورغم انَّكِ ِإستوطنتِ دمي .. 
أحتاج الى جرأة تتكيء عليها عزيمتي
 لأتخطَّى الحواجز العصيّة والسدود العتيَّة 
ليجمعنى بكِ لقاء 
فليس هناك شىء يعادل سعادتي 
إلاَّ حينما تكونى برفقتى 
فأنتِ سيدة الهمس والبوح 
وماء الحياة التى ترتوى منه الروح 
لكن اقدارنا فى السماء 
مكتوبة فى كف القدر .. ويرسمها كيف يشاء ..! 

فى مقبرة عقلى تنام إمرأة

فى مقبرة عقلى تنام إمرأة
مغسولة بطهر الماء
أُنوثتها تتسلل بين أضلعى برقَّة وحلاوة
وتتعانق مع نبضى
ومع كل إشراقة شمس يغتسل الصباح من ماء وجهها
الذى يحمل كل أوجه البراءة
ومن عبق انفاسها تهب الحياة لعصافير الروح
ومن جسدها يرتوى حقل الجمال
وتنساب نسمات الوجود من هدوئها

فى مقبرة عقلى تنام إمرأة
فمها كثمرة إستوائية ناضجة
طيور الشوق طافت حولها وأشبعتها تقبيلاً
ومن رضاب شفتيها يصنع الخمر
وتتبعثر من وجنتيها عذوبة حمراء
ومن أحرف اسمها تتساقط عناقيد الوله
ويضيء صدرها عقداً مغزولاً من اللؤلؤ
وشعرها الغجري
أسطورة أتوه في خرافتها

فى مقبرة عقلى تنام إمرأة
هى إشراقة شمسى الدائمة
التى تحقن أوردة نهاري بالدفء والعطر
رائحة عطرها تفتح لى ابواب الجنة
وتروى عطشى بقطرات الندى من يديها
وتخبرنى أن فرصة البحث عنها لاتزال ممكنة

فى مقبرة عقلى تنام إمرأة
سحقت نبض احلامى بأقدام غيابها
فوقع سقف الليل على صدرى
وإرتدَّت الغصة إلى حلقي
وتدلَّيت من أغصان الموت

فى مقبرة عقلى تنام إمرأة
وحقائب عتيقة
ليس بها سوى ساعتى المملوءة
بعقارب الوجع
وقلم يرتدي سترة محشوَّة بالهواء
واشجار صنط يحرقها الأسى
فى محرقة الوقت